واخترت أن تمضي
وبين يديك مسبحة
وفي عينيك يخبو ضوء قنديل هزيل
وتوضأت عيناك من عطر السحاب
وكان ضوء الشمس يبكي
بين أنات الأصيل..
ووقفت ترصد خلف دمع الشمس مئذنة
توارت في ظلام داكن
وتكسرت جدرانها البيضاء كالصبح القتيل..
واخترت أن تمضي علي ضوء السنابل..
بينما الأطفال ينهمرون كالطوفان
في القدس الحزينة والجليل
مازال يصرخ بين أعينهم جواد جامح
ودماء أحجار تسيل..
هذي دموعك لم تزل تنساب
في صخب المزاد وكل شيء حولنا
يبكي علي الوطن الجميل..
هذا زمان يقتل الشعراء
لا أدري لماذا
يقطع الكهان في أوطاننا شجر النخيل
هذي الوجوه العابثات
علي ضفاف النهر
تحرق كل يوم ألف بستان ظليل
يترنحون علي الكراسي كالسكاري
بينما الطوفان يزأر حولنا
وعلي رفات الأمة الثكلي
يفيض الدمع.. يرتفع العويل
واخترت ضوء الفجر
آخر ما تراه عيونك الحيري
من الزمن البخيل..
كانت صلاة الفجر
آخر لحظة في العمر..
كانت سورة الرحمن
آخر ما تلوت.. وانت تهفو للرحيل
أتري رحلت
لأن آخر أمنيات العمر شاخت
فاستراح النبض في القلب العليل
أتري رحلت..
لأن شطآن الجداول
في الظلام تأكلت وأسود ماء النيل..
أتري رحلت..
لأن جرذان الشوارع
ينخرون الآن في الجسد النحيل..
في آخر المشوار تحمل ما تبقي
من صلاة الفجر.. والشهر الفضيل..
كانت عيونك
فوق مئذنة الحسين
وكان وجهك شاحبا
وقصائد ثكلي تئن علي الضريح
في آخر الدرب الطويل
يطل قنديل حزين أسقطته الريح
وعلي المدي تبكي العصافير التي
سمعت أناشيد الهوي
وتراقصت زمنا مع الناي الجريح
سطران في ذيل الجريدة..
شاعر يمضي.. وعصفور ذبيح..
هل كنت تعلم أن آخر ما سيبقي
من حصاد العمر قنديل خرير..
هل كنت تعلم أن آخر ما سيبقي
من شموخ النهر دمع في غدير..
من قال إن حدائق الصبار
تحمل في أناملها العبير
في آخر المشوار
يبقي طيف حلم
صغته يوما خيوطا من ضرير..
وهناك في الأفق الحزين
يمامة تبكي وعصفور كسير
ناما.. مع القلب الكبير
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][list=1][*]